ملاك صغير :
جلست في أحد الأيام في الحديقة العامة
انظر يمينا وشمالا لعلني أجد شيء يسليني أو بالأحرى يريحني
فإذا بي أرى طفلا صغيرا يبدو سنه لا يتعدى العامين يسر الناظر إقتربت منه وقبلته ...
ثم وضعته أمامي على الكرسي فبدأ يبتسم وفجأة بدأ يتكلم
ماسمك ؟ ماذا تفعلين ؟ .......؟
لشدة اندهاشي لم استطع سوى قول ما سرك ؟ من أين لك هذا اللسان الطليق ؟ من علمك قول هذا
؟....
قال لي لما كل هذا العجب ؟ ألا تتعجبين من الأمور التي تحدث في عالمنا
قلت بلى لما تراني جالست حزينة لوحدي أتأمل هذه الطبيعة لربما ارتاح قليلا
قال لماذا صار عالمك حزينا هكذا ؟ لماذا لم تعد الطفولة عالم البراءة كما يقال ... لماذا تغير الكون ؟
فقلت اسمع أيها النسيم. الكون لم يتغير إنما الإنسان هو من تغير فنحن نقول هذا البلد يسكنه مسلمين
لكن للأسف لا دليل على اسلامهم سوى بيوت الله المنتشرة فيه..
فقاطعيني وقال نعم أيتها العصفورة فعند مجيئي إلى هنا حدثت أشياء كثيرة لي
فعند صعودي إلى الحافلة رأيت ما لا يسرني ... رأيت نساء كبيرات السن واقفات أما الشباب جالس
على الكراسي دون مبالاة ولا حرج
وبعد نزولي من الحافلة وانا حائر من تلك التصرفات سرت قليلا فوجدت شباب يلعبون القمار امام
المقبرة دون خوف ووجل .... وشجارات هنا وهناك
وبعدها رأيت فتاة ترتدي حجاب وتقف مع شاب تضحك بصوت عالي غير مكملة لما ترتديه ... هنا أنا
تنهدت وقلت له
نعم هذه هي حقيقة عالمنا الآن لكن أيمكن أن أقول لك السبب الوحيد لكل هذا
فال نعم تفضلي
فقلت نعم .. انه ابتعادنا عن ديننا الحنيف واتباع الثقافة الغربية بل فقد اصبحت النسب المرتفعة للجرائم
تحدث في بلادنا العربية المسلمة ...
فرد، كل ما تقولينه صحيح لكن السؤال الذي يطرح نفسه ماهو الحل ؟
الحل يا عزيزي بأن يسعى كل إنسان إلى التغيير ابتداء من نفسه وان لا يتوقف الأمر عند الأقوال
فحسب وانما يجب أن يتعدى ذلك إلى الأفعال
ابتسم وقال ربما عندما أعود في المرة المقبلة سأجد عالمكم صار جميلا مثلما كان منذ قرون مضت و
اراك مبتسمة كأزهار الربيع و أرى الضحكات تتعالى من أفواه الأطفال كأنها غروب يغطي الجبال
ويحميها من البرد ...
لقد اجبت على اسئلتك الا يمكنك ان تقول لي ماسرك ومن اين اتيت
فقال لقد اتيت من عالم الحروف ..بل الكلمات ... أقول دون خوف ما على لساني
مشاعري تشبه مشاعر الإنسان لكنني انتمي إلى عالم الأحلام ...
إن عالمي مختلف عن عالمكم فلا مكان للحزن فيه ...ولا مكان للكره فيه...
تغني فيه الطيور بأعلى صوت وتنشذ فيه المياه اعذب الألحان أما الريح فتصنع فيه أروع
الهمسات ....
و الأرض والجبال تتعانق لتصنع أحلى اللوحات ... و السماء والبحر تتقابل لترسم أرق الرسومات
هذا أنا ملاك صغير رقيق المشاعر كالأمير ... اسير من عالم إلى عالم دون كلل أو ملل.... أحمل
باقات من الورود لتزرع الإبتسامات بين الخدود .... وأقول كلمات توقظ الناس من السبات هذا
أنا ... أسير في الظلمات فأضيؤها بصدقي و أنيرها بحقيقتي …
هذا أنا ملاك صغير جميل منظره ، كريم طبعه ... رقيق إحساسه .. أشعر وكأنني أعرف العالم
بأسره ... ولكن العالم لا يعرفني .. لأنني غير مرئي ... إلا لأناس مثلي .... ثم ضحك وقال أعرفت
من أنا و لماذا حدثتك انت دون غيرك ...لأن عيونك انت فقط من رأتني و لسانك فقط من خاطبني و
أدناك فقط من سمعتني ...
أعرفتني أنا ظلك و روحك الجميلة أنا شخصيتك أنا ذرة الجمال التي بداخلك
عند إذن قلت نعم ولربما انت موجود عند كل انسان منا لكن القليل من من يحافظ عليك
فرد نعم كل إنسان لديه لؤلؤة خير لكن هناك منا من يحافظ على بريقها فتزداد لمعان و تسمو به إلى
الأعالى وهناك من يهملها فتتحول تلك اللؤلؤة إلى حجارة تزرع الشر في نفس صاحبها ...
واصلنا الحديث معا حتى غروب الشمس تبادلنا الضحكات وبعدها انصرف ذاك النسيم الجميل تارك
وراءه عطر و ذكرى جميلة لن أنساها .