مسؤولية
الرعاة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين وبعد
فإن مسؤولية المسلم في هذه الحياة تتجاوز مسؤولية ذاته وتأخذ
أشكالاً متعددة في المسؤولية التي يكلّف بها الإنسان في حياته . ولعل من أعظم
النعم التي يعيشها الإنسان في حياته نعمة الأولاد الذين وصفهم الله تعالى في كتابه
الكريم بأنهم زينة الحياة الدنيا . قال تعالى : (( المال والبنون زينة الحياة
الدنيا )) ولا يعرف قدر هذه النعمة إلا من حرمها . لذا جاء التوجيه النبوي الكريم
برعاية هذه النعمة كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( كلكلم راع وكلكلم مسؤول عن
رعيته ، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته
)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وهذه الرعية أمانة حذّر الله تعالى من
إضاعتها حين قال : ( إنا عرضنا الأمانة
على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان
ظلوماً جهولاً ) وحتى نؤدي هذه الأمانة على الوجه المشروع لها ينبغي أن نحقق ما
يلي :
أولاً : أن تشعر حفظك الله تعالى أن الله منحك نعمة عظيمة وواجبك تجاه
هذه النعمة حفظها والاهتمام بها ، والعمل على إصلاحها حتى تتحقق النعمة على أتم
وجه قال تعالى : (( وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها )) فهذه إحدى النعم أتمها الله
تعالى عليك وحرم منها أناس كثيرون لازالوا
في عداد السؤال والإلحاح على ربهم تعالى أن يحقق لهم هذه النعمة .
ثانياً : تأكد حفظك الله تعالى أن صلاح هؤلاء الأولاد من أعظم النعم في
حياة الإنسان لذا فالزم رعاك الله الطاعة في نفسك ، وحافظ على أوامر الله تعالى إن
أردت صلاح هؤلاء الأبناء ، وكلما رآك ولدك حريصاً على صلاة الجماعة ألف ذلك
والتزمه منهجاً في حياته ، وكلما رآك حريصاً على الخير من صيام الفرض والنافلة ، وبذل
الصدقات ، ومعاملة الآخرين بالأخلاق الحسنة تمثّل ذلك في حياته ، وهكذا ينشأ
الأولاد على الصلاح والبر والتقوى ، وتكون أنت أيها الوالد أحد هذه الأسباب
العظيمة في هدايتهم .
وإياك إياك من الأقوال غير اللائقة كالسب أو اللعن أو الغيبة
والنميمة أو الأفعال الدخيلة كشرب الدخان أو إرتياد الأماكن المشبوهة كالمقاهي أو
التخلّف عن الصلاة فإن ذلك أحد الأسباب
التي تؤدي بالأولاد إلى الإنحراف والعياذ بالله . إن الفرق واضح أيها الصائمون بين
رب أسرة أدخل شريط المحاضرة القيّمة ، والقرآن الكريم ، والكتيب النافع ، والوسيلة
التربوية ، وحارب كل ما هو مشين دخيل على أهل الإسلام وبلادهم ، وبين رب أسرة آخر
يمارس شرب الدخان في قعر بيته أو أبناؤه هم الذين يوفرون وسائل هذه الأدوات
القبيحة لأبيهم ، أو يجلب لهم القنوات الفضائية التي يرون فيها ما يغسل ماء الحياء
من وجوههم ، أو يحرص على إدخال شريط الأغنية أو المجلة التافهة . فرق كبير بين
الاثنين . ولعل شواهد الحال التي يعيشها كل واحد منهم هي خير شاهد على ذلك الحال .
ثالثاً : توجه إلى الله تعالى بالدعاء وألح عليه سبحانه بهداية الأبناء
فإن ذلك خير وسيلة تحقق صلاحهم وفلاحهم أرأيت أيها الصائم دعاء الصالحين في قول
الله تعالى : (( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا
للمتقين إماماً )) . وزكريا حين دعا ربه
فقال : (( فهب لي من لدنك ولياً . يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضياً )) . وإبراهيم عليه السلام حين توجه إلى الله
تعالى بالدعاء فقال : (( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك )) وكان
يردد في دعائه ويقول : (( رب هب لي من الصالحين )) إلى غير ذلك من دعاء الصالحين
فليكن لك بهم قدوة في الإكثار من الدعاء بصلاح هذه الذرية ، وإياك إياك من الدعاء
عليهم فقد توافق هذه الدعوة وقت إجابة فتجاب في ولدك فيكون المسكين ضحية هذا
الدعاء البائس . روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه أن رجلاً قال
لبعيرة : شأ لعنك الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من هذا اللاعن
بعيره ؟ ) قال أنا يارسول الله قال : ( انزل عنه فلا تصحبنا بملعون ، لاتدعوا على
أنفسكم ، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على أموالكم ، لاتوافقوا من الله ساعة
يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم .
رابعاً : علّم ولدك حفظك الله تعالى المحافظة على الواجبات ، وليكن
قرينك في بيوت الله تعالى ، ولا تهمله عند حضورك المسجد فليصلي إلى جانبك وليتدرب
على أداء هذه الشعيرة العظيمة . علِّمه الأدب أثناء حضور المساجد ، وملتقيات الناس
العامة ، دربه على احترام الآخرين والتأدب معهم ، لقّنه الأذكار في دخول المساجد
والخروج منها ، وعند قضاء الحاجة أو بعض أذكار الصباح والمساء ، وغير ذلك من
الأذكار وتدرج معه في هذا الجانب وضع له من الحوافز التشجيعية كلما رأيت من إقباله
على الخير وتعاهده على هذه الطاعات . وليرى منك حفظك أسلوب الرحمة في كل تعاملك
معه إقتداء بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم فقد كان عليه الصلاة والسلام يداعب
أطفاله فقد أخرج البخاري من حديث أم خالد بنت خالد رضي الله عنها قالت : أتي النبي
صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة ، فقال : من ترون أن نكسو هذه ؟
فسكت القوم فقال : أئتوني بأم خالد ، فأتي بها تُحمل ، فأخذ الخميصة بيده فألبسها
وقال : أبلي وأخلقي ، وكان فيها علم أخضر أو أصفر ، فقال يا أم خالد هذه سناه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] والسنا بلسان الحبشة جميل . وهاهو صلى الله عليه وسلم يداعب محمود ابن
الربيع وهو صغير فيمج الماء في قال محمود بن الربيع : عقلت من النبي صلى الله عليه
وسلم مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إلى غير ذلك من الأساليب التربوية التي كان
النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على التعامل بها مع الصغار . إن الغلظة المستمرة
والتأنيب المتكرر أيها الوالد الفاضل يخرج شخصيات مهزوزة ، وضعيفة ، لا تنفع نفسها
ولا تتطلّع إلى إفادة غيرها ، وليكن علاجك للخطأ علاج تربوي مهذب فإن نتائج ذلك
واضحة قريبة مع الزمن .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] متفق عليه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] رواه البخاري
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] رواه البخاري