التزام المسلم فيما يعنيه، يعني التزامه عقيدة وفكرا، وتصورا وسلوكا، والحصول على الانسجام بين هذه الأركان السابقة لتُشكل رؤية ثابتة هي المرجعية الأصل.
ينبعث الفن من هذا الأصل، ويشمل كل مستويات الرؤية المتنوعة للعالم، والتي تنصهر فيها آفاق النص باعتبار الفن عملية حوار بين الذات والواقع عبر الخيال، واستقراء له من وجهة نظر صاحبها.
هكذا يتجاوز الهم المعرفي الذات ليشمل الأمة، وتكون لذة المعرفة قد أخذت تفتق أريجها لتُسبل ظلها على البنيات المتصدعة في المجتمع، فتنقل الرؤية من الحضيض إلى برجها ليُعزّ الوطن المسلم، ويُستقرأ الواقع بهذه اللذة المعرفية التي تتجاوز الحدود الضيقة إلى آفاق أرحب، يُصبح الفن معول بناء وتأمل وحوار.
و إذا كان هذا الفن طابعه الجمال، فإن هذا الجمال يتشكل من فعالية هذا الفن ودوره في جعل الحياة أجمل وأفضل، وأرقى من خلال طاقاته وقدراته.
وتصبح الدهشة والهزة النفسية عامل تحول إيجابي مستمر، وتغيّر نحو الأفضل، يصير المسلم داخل النسق الحركي للوجود ولسائر الكائنات، محققا الانسجام والمصالحة مع القانون الكوني للوجود.
يمتد نور الوجود إلى النفس، ليشكل عقدا فريدا بين العقل والنفس والمعرفة، في وحدة تكون أهلا لتفسير الوجود والتآلف معه.
هذا التشكيل ينبذُ النظرة الضيقة للواقع الذي هو جزء لا يتجزأ منه وقيمه، ويكون حينئذ قد أحرز على المنطق الشمولي الداخلي للتأمل والتفسير والدراسة والبحث.
وكل ما يخشاه أعداء الإسلام منذ زمن بعيد أن تتحول الصحوة الإسلامية إلى مجالين مهمين؛ مجال الاقتصاد حيث ضمان كرامة المسلم، ومجال الفن والأدب حيث تمارس تحدياتها داخل الانطباعات الفكرية والانكسارات النفسية، لتصبح كل السلوكيات لمعاينة الوجود ومن خلال هذين المجالين منبثقة من النبع الأصل لهذا الدين