إذا كان وجه الإنسان مرآة تعكس مشاعره وأحاسيسه. سواء كانت تعبر عن الفرح أو الحزن أو الضيق من شخص ما أو تصرف ما، في المواقف المختلفة، ويكون للعيون دور كبير ورئيس في هذه المكاشفة، إلا أنه من نعم الله علينا أن جعل عقولنا داخل رؤوسنا مستترة، فلا يستطيع أي شخص قراءة ما فيها من أفكار وما تحويه من أسرار.
وهي نعمة أن تبقى أسرارنا داخل نفوسنا دفينة؛ لأن كثيرا من هذه الأسرار قد يؤدي كشفها إلى ضرر يلحق بصاحبها سواء كان ضرراً مادياً أو معنوياً، خاصة إذا كان يتعلق بسلوكيات ربما تكون أفعالاً يخجل من إعلانها، ويصبح إفشاء سره فضيحة تؤذي سمعته. وربما يكون هذا السر شعور جميل، نبيل، بالحب نحو إنسان آخر، وربما يكون ذنباً اقترفه، ويشعر بوطأته على كاهله، ولا يحتمل كتمانه، فيرغب في إفشاءه، ليشعر ببعض الراحة أو لطلب النصح والإرشاد.
وإذا كان للكبار أسرارهم في العمل والحياة؛ فإن للصغار أيضاً أسرارهم الصغيرة. خاصة البنات، وفي سن المراهقة بالذات، حيث تتفتح القلوب على المشاعر الإنسانية النبيلة فهل تكتم البنات أسرارهن، أم تبوح بها لصديقاتهن وهن مثلهن لا يزدن عنهن شيئاً في الخبرة، فتفقدن النصح السديد، والرأي الرشيد.
ولكن كثيرات أيضاً من تلجأن للأم للبوح لها بالأسرار، وفي الغالب، يرجع الفضل في ذلك للأم التي تكتسب من البداية ثقة ابنتها، وتقوي من جسور هذه الثقة، لتعبر عليها الابنة بأمان، وهو ما تجد في حضن الأم الذي يتسع صدرها لأسرار ابنتها وتجد النصيحة المنشودة.
"لكل إنسان حياته الخاصة التي تمتلئ بالأسرار. ولا يستطيع البوح بها إلا لشخص يثق فيه. ويرى أن لجوء البنات لكشف أسرارهن لصديقاتهن أو لأحد أقاربهن مرفوض تماماً، وقال: "إن لجوء الفتاة لأحد غير الوالدين يرجع إلى التنشئة الخاطئة للبنت داخل الأسرة من تضييق وحصار خاصة في فترة المراهقة، وشدد على ضرورة وعي الأم بمشكلات ابنتها ومساندتها وإرشادها إلى الطريق الصحيح أن تكون صديقة لها، فتكسب ثقتها؛ لتشعر بالأمان والراحة النفسية معها، وأن تقوم العلاقة بينهما على النصح والتوجيه وليس التأنيب والتوبيخ إذا حدث وأخطأت الفتاة". وقال: "إن أغلب الآباء لا يستمعون لأبنائهم ويتسببون بسوء تصرفاتهم في وقوع عواقب وخيمة للأبناء".
اختاها: "إن فترة المراهقة فترة شديدة الحساسية، تكون فيها الفتاة أشد احتياجاً لحنان ورعاية الأم؛ حتى تجد البنت بر الأمان فتبوح بأسرارها لأمها بدلاً من صديقتها أو خطيبها، فالأم وإن كانت قاسية فقسوتها أحن من غدر الأصدقاء، ولكنها يجب أن تكون قدوة بحسن الخلق وعلى وعي بطبيعة تستطيع نصح ابنتها بالصواب وحمايتها من المهالك".
اختاه: "إذا لم تجدي الأم لتبوحي لها بأسرارك؛ فيجب أن تحسني اختيار الشخص الذي تلجئين إليه ليسدي لك النصح وأن يكون محل ثقة. وإذا لم تجديه وشعرت بالضيق لكتمان أسرارك، فاكتبيها على ورقة بيضاء لتشعري بالراحة بعد الفضفضة بالكتابة ونصيحة مهمة لا تبوحي بأسرارك لأكثر من شخص واحد؛ لأن السر إذا شاع بين أكثر من اثنين لا يصبح سراً.