همسات .. همسات .. همسات !!

همستي الأولى


همس لي قلبي فقال :

لمَ تعذبني معك .. ألن تعدل أبداً ؟! .. لما لا تشاركني الروح الأنين ؟!


أجبته :

هي هائمة في عالم تلك الأنثى ..

تلك التي سطرت حباً أبدياً ..

فيك أيها الشقي ..

أيها المنبوذ ..

أيها المتعجرف ..

أنت من تعذب نفسك ..

أنت من غرست السكين ..

و أنت سبب الأنين ..

و أنت الرحلة الكبرى ..

و أنت معركة البسوس ..

و معركة حطين ..

و أنت جنة عدن ..

و أنت قلب البراكين ..

و أنت بكاء الياسمين ..

نار و دم و ثلج و هوى ..

و محراثِ فلاحٍ و جوى ..

تحرث عروقي بلا رحمة ..

تحمل معولك بقوة ..

تحفر أخاديد شراييني ..

باللهِ عليك أيها القلب ..

من هو المجرم ..

من هو الظالم ..

أنا أم أنت ؟ ..

آهٍ من وجعي آه ..

همستي الثانية


همس لي قلبي فقال :


من هي ؟

فأجبته :


هي ريحانة الروح ..

و شرنقة الشرايين ..

أتيهُ مع لحاظها ..

و تأخذني تلك الرموش ..

إلى البعيد .. البعيد ..

أهيم في عالمٍ سحري ..

زمردي اللون ..

رخامي الملمس ..

هلامي الخلقة ..

خلف السحاب ..

عند آخر شمسٍ ..

و أبعد قمر ..

هي جنتي ..

فردوسي المفقود ..

هي يومي ..

و أمسي ..

و ميلادي ..

هي العشق الآتي ..

هي خطيئتي ..

و لحن انشادي ..

لا تقلق أيها القلب ..

نم بسلام ..

و دعني أيها المتمرد ..

أناجي أطياف الهوى ..

في عروقِ الشمس ..

و بين أجنحة الأقمار ..

و على قمم النجوم ..

تجدني أتربع ..

أعمِّر مملكتي الكبرى ..

و حينها أيها القلب ..

سأطلق سراحك ..

فما من سبيل هناك ..

إلا ..

إليها !! ..

آهٍ من وجعي .. آه

همستي الثالثة


همس لي قلبي فقال :

دع حصون الليالي و لا تتجرأ على مقارعة سيوف العذاب ..

فأجبته :

ما الحصن إلا سد ..

دون نبض ..

ما هو إلا حصاة ..

خشنة الملمس ..

طولها و إن امتد ..

من الشمال ..

إلى الجنوب ..

ستبقى ساكنة ..

ِلمَ أدعها ؟ ..

و هل هي تشبه ..

بارق الخد ؟! ..

إن كانت كذلك ..

فالندُ بالند ..

إحصي إذن القتلى ..

دون عد ..

لأجل خدها البرّاق ..

أنيني إشتد ..

و تطايرت بقاياي ..

أنت أولاً أيها القلب ..

و عيني التي تراها ..

و أذني التي تسمعها ..

و كل جزئيةٍ مني ..

و حتى الكف ..

و من ثم اليد ..

و أما سيوف العذاب ..

و إن لمعت ..

و زاد بريقها ..

فهي سراب ..

لا تسلني عن الأسباب ..

سأشنق تلك السيوف ..

وسط محراب ..

مشنقة الأيامِ وقفت ..

تنتظرها ..

عند الباب ..

و هي الآن ساكنة ..

بعدما نالت من الصعاب ..

لقد قارعتها مراراً ..

أدمتني ..

آهٍ يا وجعي ..

أدمتني ..

حاصرتني ..

فشتتها برمقِ العشقِ ..

لا سيوف ..

و لا حراب ..

حبيبتي ..

يا ساكنة الروح ..

أليس هذا هو الجواب ؟! ..

آهٍ يا وجعي .. آه ..